تدعى أنها ملتزمة .. وحجابها لايليق. وأخرى تعطي الدروس والمحاضرات.. حصل لها موقف .. تبين لنا أنها بعيدة عن الالتزام . وثالثة تجلس معنا في الدرس وتحضر الحلقات.. ولا تطبق ما تدرسه . ونسمع أيضًا (ملتزمة ولسانها سليط ) (ملتزمة وأخلاقها لا تليق بالملتزمات ) ما معنى الالتزام ؟ وهل يطلق على كل امرأة ؟ أين يكمن الخطأ .. في نظرة الناس للملتزمة أم في الملتزمة نفسها ؟
الالتزام هو : مداومة الاستقامة على الهدى .. قوة التمسك بالتقوى.. إلجام النفس وقسرها على سلوك طريق الحق والخير مع سرعة التوبة حال ملابسة الإثم أو الركون إلى الدنيا . وحين نقول : فتاة ملتزمة فإننا نعني بها تلك التي آمنت بالله ربًا ، وبالإسلام دينًا ، وبمحمد r نبيًا ورسولاً .. فلم ترض بقوانين ظاهره فقط وغفلت عن باطنه وحقيقته فإن الدين كلٌ لا يتجزأ ، مظهر ومخبر
سلوك وعقيدة، فلا ينبغي ولا يجوز للإنسان أن يفرط في شيء من دينه .
لماذا يخطئ البعض في مفهوم الالتزام ؟ لأن كثيرًا من النساء تنظر لكل إنسانة أعلنت مظاهر الإسلام من (لبس العباءة على الرأس ووضع القفازات السوداء في اليد وترك مشاهدة التلفاز) على أنها هي الملتزمة .
فتصبح نظرتها للإسلام والالتزام من خلال هذه الفئة من النساء ومن ثم يصبح اتهامها للدين والالتزام بالنقص والخطيئة ..وهذه نظرة ظالمة لمنهج الإسلام ، فالملتزمة التي تلتزم بالمظهر وتغفل عن السلوك تتحمل مسؤولية الإساءة للملتزمات ..إذ أن الصورة المتناقضة التي تحملها هذه الإنسانة تسيء للملتزمات قبل أن تسيء إليها .. بل تورث الحقد والكراهية والنفور تجاه هذه الملتزمة وكل من ينتسب للالتزام .
والمنهج السليم هو (وزن المسلم بحسناته وأخطائه معًا) فمن كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر، فإنه يحتمل منه مالا يحتمل لغيره ، ويعفى عنه مالا يعفى عن غيره ، فإن المعصية خبث ، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث بخلاف الماء القليل فإنه لا يحمل أدنى خبث. هذا أدب الإسلام في الجرح والتعديل .
إن طلب الصفات المتكاملة في الشخصية الملتزمة تغفل أن هؤلاء بشر يصيبون ويخطئون ويعتريهم ما يعتري غيرهم من النقص والمخالفات .يقول سعيد بن المسيّب ( ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه ، فمن كان فضله أكثر من نقصه ، وهب نقصه لفضله ). ولنعلم أن الله سبحانه وتعالى يزن المسلمين بميزان سورة الأحقاف في قول : (أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ، ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة ، وعد الصدق الذين كانوا يوعدون ) فعلى المسلمة أن تتقي الله عزوجل في إصدار الأحكام على الأخريات وتدرك بأن الملتزمة ليست كل من تركت مشاهدة التلفاز وسماع الأغاني ، وعلى الملتزمة أن تتقي الله في سلوكها وخلقها وتعاملها مع الأخريات أن تكون قدوة حسنة لهن وأن تطبق منهج الرسول r في التعامل مع الناس حتى تكسب ودهم.
ولو أن كل ملتزمة طبقت آداب الإسلام في التعامل مع الناس بالحكمة والموعظة الحسنة لاختفت من مجتمعنا هذه الأصوات والحساسية تجاه شخصية الملتزمة .