أنني تائهة جدا في هذا المجتمع الشرقي المخيف. لقد ركبت قطار (ضياع الشرف والامتهان) ونزلت بعدة محطات بعد أن دفعت قيمتها من بنك التنازلات (الأنثوية) إلى أن وصلت إلى ما أنا فيه الآن من ضياع وفساد وشتات ذهني ووجداني. معاناتي بدأت مع البحث عن وظيفة دون جدوى. أسرتي المكونة من 3 إخوة و4 أخوات جميعهم لم يجدوا وظائف حتى الآن، وجميعهم يعيشون على راتب والدي المتقاعد الذي لا يتجاوز تقريبا ثلاثة آلاف ريال سعودي. ومع مصاريف العناية الصحية بوالدي المريض أصبح حالنا مأساويا يفيض ألما، خصوصا أن جميع إخوتي ما زالوا يبحثون منذ سنوات عن أي وظيفة حتى وإن كانت دون مستواهم التعليمي إلا أنهم مازالوا يتجرعون الخيبة تلو الأخرى. لقد ذقت الأمرين وأنا احاول ان اجد لنفسي مكانا بين الرجال في بيئة عمل مختلطة لاتحكمها المهنة ولا اخلاقياتها بداً من موظفي الاتش آر محترفي التغرير وانتهاء بمدراء الاقسام ومحاولة ارغامي على مقابلة شخصية بدون علم قسم التوظيف النسائي..! وبعد أن تعبت وأرغمتني الحاجة وبالصدفة وأنا ابحث عن وظيفة في أحدى المعارض التي تقام في الفنادق الكبرى قابلت أحدي زميلاتي بالجامعة والتي تعمل الآن لصالح شركة دعاية وإعلان، ورئيت أن حالها تغير كثير حتى طريقة كلامها وأسلوبها.. في الحقيقة تمنيت أن أكون في مكانها أو أن أعمل معها. كانت بجانب شخص وسيم جداً (زميلا لها بالعمل) وكانوا يتبادلون الحديث ويضحكون ويبدوا أنهم في غاية السعادة وهم يؤدون العمل. طلبت منى أن أساعدها في توزيع البروشورات على الزوار وأن احل محلها لمدة ساعتين مقابل مبلغ خمسمائة ريال!!! وقالت لي أن هذا يعتبر دوام جزئي لي وأعتبري نفسك من الآن متعينة وسلمتني المبلغ فوراً. في الحقيقة فرحت جداً وخاصة أن زميلتي تعرف حالتي ومدى إحتياجي للعمل ولذلك المبلغ. ولكن طلبت مني أن ابتسم كثيرا للزوار وأن اجذبهم (أغريهم) وفي بعض الأحيان (أتنازل) لأخذ معلومات عن الشركة وأن أغير من طريقة تعاملى ولو لمدة ساعتين فقط وقالت لي أخرجي من القوقعة اللي انتى فيها وسوف تأكلي الشهد. وقامت بتدريبي أمام زميلاها الأخر (رئيسها) والذي بدوره شجعني بكل حماس رغبة منه بالاحتكاك بي وملاطفتي. وهي ساعتين فقط.. شفت فيه العجب العجاب في وسط يشتغل فيه الرجال والنساء مع بعضهم البعض. تتنوع طرق التحرش وتتدرج من نظرات فاحشة إلى كلمات غزلية أو تعليقات على الجسد إلى محاولات للتقرب. المشكلة في الرجال اولا حيث انه انعدمت لديهم معاني الرجولة و النخوة و الصدق و الأخوة حيث صارت اي امرأة بغض النظر عن ظروفها التي دعتها للعمل مكان لتفريغ شهواته باي شكل من الاشكال وعرفت أن من يترأس عليهن أو يدربهن ذئب، فهن تحت رحمته في التقييم و الترقيات و التقارير، و من السهل عليه أن يجعلهن يشعرن بأنه صاحب الكلمة و يستغل سلطتيه المهنية و الذكورية حيث تتعرض المراه في المجتمع لمثل هذه المواقف وللاسف لايمكنها ان تشتكي او تعارض. احدهم يتغزل بصوتها و الاخر بشخصيتها و غيره بمظهرها. وللاسف ان الوضع لا يتوقف على السعوديين فقط بل يتعداه الى زملاء العمل من المتعاقدين. أن ا لمرأه التي تعمل بمكان به رجال مغلوبه على أمرها من تحرشات بالنظرات وبالكلام الفاضح إلى التحرش احيانا باليد. ان بعض النساء لا تعمل لقضاء وقتها او للتسلية انما تعمل لتعوووول اسرتها خصوصا المضطرة الى العمل في الاماكن المختلطة فكيف بضعاف النفوس ان يستغلوهن وكان الاحرى ان يقدموا لهن كل المساعدة الممكنة نظرا لحاجتهن. وفي النهاية صبرت وصبرت كثيراً وتنازلت وتنازلت أكثر من أجل الحاجة. وعندها تيقظت بعد أن تعبت من ذلك الاختلاط والمقابلات والحوارات الماجنة أدركت أنني استهلكت ولم استفيد إلا أن أكون لعبة في يديهم وذقت طعم المذلة وأيقنت أنني فعلاً قدمت عدة من التنازلات وخسرت سمعتي وشرفي ودخلت ذلك النفق الأظلم الذي لا يمكنني الخروج منه بسهوله وبدون تأنيب للضمير وتجريح للسمعة. لذا أرجو المساعدة والتوجيه قبل أن يحدث شي أكبر وأعظم لأنني تعبت بعد أن بعت نفسي بالرخيص وأحس إنني ملوثة منهم ومن أنفاسهم النتنة.